فِي غَفْوة المَسَاءْ تأخْذُني بَوْصَلة اللغَة إلى ذْكْراك ، لـ امرأَةٍ تَكْتنفُ النّبض كـ وَطَنٍ مُتَشردْ !
رَبيعُ آخَـرُ مَضَى ،
و لَمْ أُعانِقْ يَديكِ بَعْد ،
لَمْ أَسْرَحَ فِي مِساحاتِ رَمْشِكِ بَعدْ ،
لَمْ أخْرُج لـ شَارِعِ الحَياة
لَمْ أَتعَايشَ - حقّاً -
مَعَ هَذا البُعْد ،
رَبيعٌ آخـرُ مَضى ،
و مَا زلتُ مَمَزّقاً فِي الطَّريق ،
أَنسجُ بـ فَتقِ الجِراح خَيْطَ النّسيان
و كلُّ شيءٍ فِيكِ
غير قَابلٍ لـ النّسيانْ ،
كلُّ شَيءٍ يُمْطِرُ فِي الغيابِ
إلاَّ صَوتُكِ
يَلحفُنِي لَهِيبُكِ
فأحترِقْ ،
و تَحْترِقُ مَعِي مِساحاتُ المَدينَة ،
مَدِينَة فِي دَاخلِي
لَمْ تَعرف- بَعْدَ غيابكِ - السّكينَة
يا أنتِ ،
يا امرأَةً تَشْدُو بِها الطّبيعَة
كبرتْ مَسافاتُ غِيابكِ ،
و خانَتنا لُغَةُ الحُضُور ،
و صَارُ كل شيءٍ
يَتَشابَهُ بـ الفَقْدْ ،كلُّ شيءٍ يُرمّمُ بَيادِرَ الوجد ،يَا أيتها الدّسمَة حدّ التخْمَة
يا أجْمَلَ حَقيقَة تَعايْشُتها يَوماً ،
وَجْهُكِ مَصْلُوبٌ فِي ذاكِرَة القَصيدَة
فِي تَعالِيمِ الكِتاب ،
فِي كل حَرفٍ مِنْ هَذهِ الأبْجَدِيَة اللعينَة
و أنَا فِي هَذا الصّمت ،
أنْفُضُ عنِّي أَثامَ الحِكَايَة
تَلتحفنِي الفَاجِعَة
وَ تَسيلُ مني أخِرُ حَروفٍ
مِنْ هَذه النِّهايَة ،
رَبيعٌ آخَرُ مضَى ،
و ما زَالت الشرفات ، و المَحطّات
و الأمنيات ، و الذّكْريات
تُصاحِبُ دَائماً
ذِكْراكِ ،
تُضاربُ الأجْوِبَة
فِي إيقاعاتِ حلمٍ يَغْشاكِ ،
كَيفَ لـ قلبٍ يُهيمُ فِي زَمْهريرِ حُضُوركِ
و يسْتَظلُّ بـ بَيْداءِ رَمشكِ
أنْ يَنساكِ ؟
رَبيعٌ آخَر مَضَى ،
و مَا زَلتُ لا أملكُ حَقَّ
اللجوءَ إلى نَفْسِي
الغائبَة ،
ما زَالت كُل رَحلاتِي
صَوبَ بَابكِ ،
مَا زلتُ أبْحَثُ عنكِ فِي أَشيائِي
فِي الطرقاتِ و الأزقَة
فِي كتُب الحب و الفَقدْ
فِي كل شَيءٍ يُصادِفُ
هَذا الصّمت القَاتلْ ،
فَكُلُّ الأَشْيَاء المُمِلَّة فِي حياتِي
سَبَبها غيابك .